مقدمة المحقق
شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي استاذ بجامعة بغداد
نبذة عن المحقق :
ولد كامل بن مصطفى بن محمد حسين الكاظمي المكي العبدري ، أبو طريف الشيبي في الكاظمية ببغداد عم 1927 ، أتم دراساته الأولى هناك والجامعية في الإسكندرية بمصر التي تخرج منها عام 1950 ونال الماجستير عام 1958 من نفس الجامعة والدكتوراه من جامعة كمبردج بانكلترا 1961 .
مارس التدريس في مختلف مراحله وحتى بعد تقاعده الإجباري المبكر تحت ذريعة الأسباب الصحية المعروفة في عراق تلك الأيام ، عام 1982 في جامعات عراقية وعربية وغير عربية . من أشهر مؤلفاته التي تم طبعها لمرات عديدة نذكر منها وفي طبعاتها الأولى فقط العناوين التالية :
الصلة بين التصوف والتشيع ، بغداد 1963 - 1964 ،
ديوان أبي بكر الشبلي ، بغداد 1967 ،
ديوان الدوبيت في الشعر العربي ، طرابلس الغرب 1972 ،
ديوان الحلاج ، بغداد 1974 ، شرح ديوان الحلاج ، بيروت - بغداد ، 1974 ،
الحب العذري ، بيروت 1997 .
توفي عام 2006 ببغداد .
صحيفة إهداء مطولة
حدّثني الدكتور إبراهيم السامرائي ، رئيس قسم اللغة العربية بجامعة بغداد الآن ، والدكتور هشام الشواف ، الأمين العام للمكتبة المركزية بها ، عن الأب القسّ العراقي دهان الموصلي المقيم في باريس ، أن الأستاذ لويس ماسينيون( 25 تموز 1883 - 31 تشرين الأول 1962 م ) / ( 1 شوّال 1301 - 2 جمادى الثانية 1382 هـ ) كلّفه في ربيع 1953 م بإقامة قدّاس خاص على روح الحسين بن منصور الحلّاج في البيعة التي يشرف عليها في العاصمة الفرنسية ، يوم ذكرى وفاته في 24 ذي القعدة 309 ه ( 26 آذار 922 م ) . وذكر القس دهان أنه دهش للطلب وذكّر الأستاذ ماسينيون بأن الحلّاج كان مسلما والبيعة دار عبادة مسيحية ، فكان جوابه : « إنّ الحلّاج رجل متصوّف روحاني وإن فوارق الأديان لا يحسب لها حساب في حالته » .
وذكر الدكتور السامرائي أن الأستاذ ماسينيون حدّثه بأنه « دائم الذكر للشهيد الحلّاج والترحّم عليه في كنائس النصارى » .وأخبرني الدكتور الشوّاف أيضا أنه رأى الأستاذ ماسينيون واقفا « وقفة تبتّل وخشوع في الجامع الكبير بمدينة باريس وهو يتلو سورة الفاتحة على أرواح العمال الجزائريين الذين سقطوا صرعى رصاص الشرطة الفرنسية عند خروجهم في تظاهرة وطنية انتصارا للقضية الجزائرية » . إلى الأستاذ المستشرق الكبير لويس ماسينيون الذي انتقل إلى عالم الأرواح فالتقى بصديق الأبد الحسين بن منصور الحلّاج .
ورحم اللّه الصديقين اللذين تفاوتا في الزمان والمكان وجمعهما اللازمان واللامكان .
ك . م . ش .
كلمة للطبعة الثانية
هذا كتاب كان من المفروض أن يصدر عن « دار المعارف بمصر » العريقة قبل أكثر من عشرين سنة ضمن سلسلتها « ذخائر العرب » العتيدة . وقد تم إبرام عقده في ذلك الوقت ، فعلا .
لكنه تأخر بسبب تعجّلي لظرف قاهر طرأ يومئذ فكان مصداقا لحكمة مثلنا العتيق : « ربّ عجلة تهب رثيا » .
ومن الغريب أني قدّمته إلى الدار في طريق عودتي من ليبيا إلى الوطن ، وأجدني أودعه رحابها بعد أن استقرّ بي النوى فيها ثانية .
لقد كرمتني دار المعارف بطبع كتابي « الصلة بين التصوّف والتشيّع » سنة 1969 طباعة تدعو إلى الرضا والفخر ، ولهذا أجدني أعدّ تأخّر طبع « شرح ديوان الحلّاج » الحالي ، بمثابة عقوبة أستحقها ، وقد عبّر عنها الحلّاج بقوله :
قد كنت في نعمة الهوى بطرا * فأدركتني عقوبة البطر
وإذ تعذّر على دار المعارف طبع هذا الكتاب لأسباب خاصة فأنا جدّ سعيد لصدور « شرح ديوان الحلّاج » على هذه الصورة المهيبة من دار منشورات الجمل التي يمتلكها ويديرها مواطننا الشاعر خالد المعالي .
أستاذي في الدراسة المتوسطة محمد حسني المراياتي وأستاذي في الدراسة الثانوية عبد المجيد حسن ولي الذي شجّعني التشجيع الحق ، وكان يطوف بسطوري الساذجة على زملائي الشبّان يقرؤها عليهم ويحثهم على منافستي في هذا الشأن ، والأستاذ ( الدكتور الفذّ ) محمد صقر خفاجة الذي كان يعاملنا معاملة الأخ الكبير الشقيق في العراق ولم تنقطع عنايته بنا إلى أن توفّاه اللّه عميدا لكلية الآداب في جامعة القاهرة في مصر ،والدكتور محمود غنّاوي الزهيري الذي حرضني على الخروج من قوقعة العراق وزيّن لي التوجه إلى الآفاق الرحيبة .
ورحم اللّه أساتذتي في كلية الآداب بجامعة الإسكندرية الذين أسسوا كياني العلمي المتواضع ، وبثّوا فيّ روحا منهم ليمكنوني من شق طريقي بنفسي في المستقبل .
منهم أساتذتي في قسم الفلسفة : العلّامة يوسف كرم والأستاذ الدكتور توفيق الطويل والباحث الكبير الدكتور أبو العلا عفيفي ، وأبي الروحي وصديقي الدنيوي الأستاذ الدكتور علي سامي النشّار ، ومنهم أساتذتي في قسم اللغة العربية ، الأساتذة الباحثون : محمد خلف اللّه أحمد وإبراهيم مصطفى ، والدكاترة محمد محمد حسين وطه الحاجري وعبد المحسن الحسيني .
ولا أدري ما فعل اللّه بأساتذتي الفلسفيين الآخرين الدكاترة : محمد ثابت الفندي والسيد أحمد البدوي ، والأدبيين : محمد زكي العشماوي وحسن
عون ومحمد حسن الزيّات وطه ندى والسيّد خليل ؛ فإن كانوا في قيد الحياة فأطال اللّه بقاءهم وأجزل ثوابهم ، وإلّا فكلّنا على الجادة نرجو رحمته الواسعة هنا وهناك .ثم أبتهل إليه - سبحانه - أن ينعم على سيدي وشيخي الأستاذ الدكتور بدوي أحمد طبانة بالعمر المديد الحافل بالبحث السديد والتوجيه الرشيد لأبنائه الروحيين الذين ينتشرون في الأقطار العربية كلها .
لقد خصّني برعايته وعنايته وحنوّه الأبوي منذ نحو نصف قرن ، وما زال ، ذلك الأب الروحي والصديق الحميم ، جزاه اللّه عني ، وعن إخواني الآخرين ، خير الجزاء .
وبعد ، فهذا شرح ديوان الحلّاج كتاب بذلت فيه أشق ما عندي من منّة وعقل وتتبّع ، كتاب أحتسب فيه الحق تعالى وأدعوه مخلصا أن يغفر لي ولعبده المظلوم الذي بذل حياته في سبيله الحسين بن منصور بن محمى البيضاوي الحلّاج ، ولعباده الذين يرتضيهم .
واللّه الموفق للرشاد الشارح
د. كامل مصطفى الشيبي
طرابلس الغرب ، جمادى الأول 1414 هـ /
[ الشهر الحادي عشر 1993 م ]تصدير للطبعة الأولى
برّا بوعدي لقراء كتابي « ديوان أبي بكر الشبلي » الذي صدر في بغداد سنة 1967 م ، يزيد من سروري إخراج « ديوان الحلّاج » بهذه الصورة التي أفرغت فيها جهدا شاقا اتصل أكثر من خمسة عشر عاما !
لقد أثار فيّ الحلّاج فضول المبتدئ سنة 1953 م ، وما زال عصيّا في سنة 1973 م ؛ لكني سعيد بعملي ، غير آسف على الوقت ولا الجهد ، فلقد حفلت كل كلمة من الديوان بألوان من الإثارة تعدّ إغراء بمزيد من البحث والتعمق ، وتدعو إلى بذل جهد غير معتاد في الشرح والتعليل والتأويل وفي استكشاف العلاقات الدقيقة والإشارات الغامضة التي يحفل بها ديوان الحلّاج وتمتدّ منه خيوط غير منظورة ولا ملموسة لنتصل بالأشعار والآراء التي سبقته ولحقته .
وفوق ذلك ، بذلت في ديوان الحلّاج طاقة زائدة في شرح الألفاظ اللغوية والاصطلاحية ، وذلك عمل لم أجدني محتاجا إليه عند تحقيقي ديوان الشبلي المذكور .
بودي لو مدّ اللّه في حياة شيخ المستشرقين ماسينيون ، إذن لعرضته عليه ورجوته أن يكتب مقدّمته .
لكنه إذ سبقنا إلى دار البقاء ، رأيت من البرّ به والاعتراف بفضله أن أهدي ثمرة جهدي إلى روحه مكافأة أرضية متواضعة على ما بذل من جهد متواصل ، بدأ قبل سنة 1912 م ولم يتوقف مدة نصف قرن من الزمان .
أما النماذج على هذه التصحيفات الكثيرة التي حفلت بها طبعات ماسينيون ، فأجلّ هذا التقديم أن يشاب به ، وأحيل القارئ على صلب العمل ليستكشفه بنفسه .
وعلى عادتي في الربط بين عالمي الأدب التقليدي والصوفي ، في المجالات المشتركة بينهما ، نبهت إلى المعاني الشعرية التي طرقها الحلّاج أولا ثم الشعراء التقليديون من قبله ومن بعده ، وتبين لي أن صوفينا كان كثيرا ما يصوّر بألفاظهم ويركب من معانيهم ، ولكنّ مسحة التجريد والتسامي لازمت تعبيراته دائما ، ومن هنا أطرد في أشعاره طابع واضح ثابت وأسلوب متميز من أوّل كلمة فيه إلى آخرها .
ومع نموّ الفكرة وحاجة البحث وجدتني أضع في المقدمة زبدة ما جهدت في الوصول إليه واقتصدته لكتاب برأسه أكتبه في الحلّاج .
وأخيرا وجدت البخل مع الكرام منقصة ، وهكذا أطلقت العنان لنفسي في المضمون لا في الحيّز مع كبح الجماح في موضوعات كثيرة ، فكان هذا الذي يراه القارئ وأرجو أن يصدق الخبر الخبر .
وأصارح القراء أنني أعتزّ بشيئين تضمنتهما المقدمة ،
الأول : ما اكتشفته من وجود خلف للحلّاج في فلسطين ، وتصحيح ذلك وتمحيصه - على الوجه الكامل - ليس من شأني ولا من قدرة أحد من الناس .
والثاني : الفقرة التي كتبتها عن مكانة الحلّاج في الفكر الإسلامي الحديث وبخاصة ما يتصل من ذلك بالأدب العربي المعاصر الذي وجد الحلّاج صداه فيه على صور مختلفة ، من شعر ومسرحية ورواية وبحث ومقالة .
وفي هذا المجال بالذات لم أزد على هذا اللمس الخفيف الذي يوشك أن يكون سطحيا لضيق المجال وعدم مناسبة المقام ، ويريحني أن يعدّه القراء استعراضا تاريخيا مفتوحا باب بحثه للأدباء والباحثين من كل جنس .
علي محفوظ في كلّ مصنّف أخرجه للناس ، وذلك لأن له مكانة الناصح الأمين والباذل في غير حدّ لما في نفسه الكبيرة من علم ، ولما في خزانة كتبه العامرة من مصنفات ، جزاه اللّه عن العلم والفضل والكرم خير الجزاء .
وأشيد ، هنا بذكر أستاذي وشيخي وصديقي الأستاذ الدكتور علي سامي النشّار ، أستاذ كرسي الفلسفة بجامعة الإسكندرية سابقا ، بالإجلال والاحترام لتشمّره لترجمة كثير من التعاليق والنصوص الفرنسية ولتشجيعه المستمر لشخصي الضعيف ، زاده اللّه علما فوق ما أنجز وأخرج وما يعلم ويحرز .
ويسرني أن أتوجه بالشكر والمنّة لإخواني : السيد يحيى سلوم العباسي على ما تجشّم من صعاب في سبيل إعادة رسم صورة الحلّاج الرمزية عن الأصل الذي رسمه الرسام الإيراني أحمد الشيرازي في القرن العاشر الهجري ( السادس عشر الميلادي ) ، وسواء أتضمنها الديوان أم لا فإنه قد سعى وأريد لسعيه أن يرى .
ويستحق التنويه - في هذا المجال - الرسام العراقي السيد صادق سميسم والسيد ثامر مهدي تلميذي وصديقي الذي هداني إليه .
ولقد أسهم الأخ السيد عادل كامل الآلوسي ، أمين قسم المخطوطات في المتحف العراقي ، ضمن الجهود التي بذلت للتعريف بالحلّاج ، في تصوير مشهده الرمزي في بغداد وفي رسم مخطط له ربما وجده القارئ بين فقرات المقدمة التي كتبت بين يدي هذا الديوان .مخطوط برلين : « حكاية الحسين بن منصور الحلّاج » ، مخطوط برلين ، رقم 349 .
مخطوط تيمور : « ترجمة حسين بن منصور الحلّاج وشيء من كلامه وما جرى له مع الخليفة وصفة قتله » ، مخطوط المرحوم أحمد تيمور باشا بدار الكتب المصرية ، رقم 1291 .
مخطوط الجزائري : « بعض إشارات الحسين بن منصور الحلّاج وكلامه وشعره ، أو : الرسالة الحلّاجية » ، نسخة المرحوم الأستاذ ماسينيون التي اشتراها من الأستاذ الجزائري .
مخطوط السليمانية : نسخة الخزانة السليمانية باستانبول ضمن المخطوط رقم 1028 ، ورقة 358 ب - 365 ب .
مخطوط قازان : « كتاب في سيرة الشيخ حسين بن منصور الحلّاج » ، أو « مقامات الحلّاج ومقالاته » ، نسخة المكتبة الشرقية المركزية بقازان في الاتحاد السوفيتي ، فنون شتى برقم 68 .مخطوط لندن : « تقييد بعض الحكم والأشعار ، مختصر من كلام السيد أبي عمارة الحسين بن منصور الحلّاج رضي اللّه عنه » ، نسخة المتحف البريطاني رقم 9692 ،Add( ) : زيادة منا حشو النصوص شرحا وإيضاحا أو ما إلى ذلك
الرابط:-
https://almuada.4umer.com/t6877-topic
تابع قناة تجليات في واتساب وتلجرام:
👇👇👇👇
شربنا كأس من نهوى جهارا فصرنا بعد رؤيته حيارى قبس من الحب https://whatsapp.com/channel/0029VafyIYC8aKvG18G5he11
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق