الأربعاء، 27 يوليو 2022

غنائم حنين


#السيرة النبويةالعطرةلخيرالخلق
241
 (( غنائم حنين ))

أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعد معركة {{ حنين }} وفرار {{ هوازن}} الى {{ الطائف }} بتجميع الغنائم في وادي {{الجعرانة}} القريب من حنين حتى يفرغ من حرب هوازن
وتوجه صلى الله عليه وسلم 
بعد ذلك الى {{ الطائف }} واستمر الحصار {{٤٠ }} يوما كاملا 
ولم ينجح المسلمون في فتح الحصن
ثم قرر النبي صلى الله عليه وسلم  رفع الحصار عن الطائف، بعد أن وازن بين مكاسب الحصار وخسائر رفع الحصار
ووجد أن خسائر رفع الحصار أكبر من مكاسب الحصار
توجه بعدها صلى الله عليه وسلم الى وادي {{الجعرانة}} حتى يقوم بتوزيع الغنائم

وكانت غنائم {{ حنين }} ضخمة جدا ، بل كانت أكبر وأعظم غنائم في تاريخ العرب قاطب
لأن قبائل {{ هوازن}} قبائل كثيرة جدا
ولأن زعيمهم {{ مالك بن عوف}} أمر بأن يصحبوا معهم نسائهم وأنعامهم وكل أموالهم
وذلك لتحفيز الجيش على القتال حتى الموت
وقلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ، عندما علم ذلك قال :_
تلك غنيمة المسلمين غدا إن شاء الله
وتحقق ما قاله الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم  فغنم المسلمون كل هذه الأموال، وكانت كما ذكرنا هي أكبر غنائم في تاريخ العرب

وبلغت غنائم {{ حنين }}
١_ ٢٤ ألف من الأبل 
٢_ ٤٠ ألف من الأغنام 
٣_ ١٥٠ كيلو جرام من الذهب والفضة
٤_ ٦٠ ألف من السبي 
وجلس صلى الله عليه وسلم متأنياً في قسم الغنائم 
وهو يرجو أن تأتي {{ هوازن }} مسلمة 
لأن جل الاسرى من هوازن 
وقلنا أن {{ هوازن }} هي مجموعة قبائل حول الطائف فيها {{ بنو سعد }} الذي استرضع فيهم صلى الله عليه وسلم
و الذين تربى فيهم {{ ٤ سنين }}
ففيهم عماته وخالاته من الرضاعة ، وكان يرجو أن يأتوا مسلمين فلا يقعون بالسبي ، وبنو سعد من كرام العرب فلم يحب أن تسبا نسائهم واولادهم ،ولكنهم تأخروا 
فأضطر أن يوزع الغنائم وهذا من شرع الله 

توزيع الغنائم حسب القاعدة الشرعية في توزيع الغنائم
وكانت القاعدة الشرعية
١_  أن أربعة أخماس الغنائم توزع بالتساوي على الجيش والفارس يأخذ ثلاثة اضعاف الراجل
لأن الفارس ينفق بنفسه على فرسه
٢_الخمس يتصرف فيه رئيس الدولة كما يشاء، فقد يشتري به سلاح، وقد يتم به افتداء الأسرى، وقد يعطي منها لمن كان مميزا في القتال، وقد ينفق على الفقراء والمساكين، وقد يدخل في أي مشروع من مشروعات الدولة 

فوزع النبي صلى الله عليه الأربعة أخماس على الجيش الذي عدده {{ ١٢ }} ألف 
وكان كل جمل يساوي {{ ١٠ }} من الشياه اي الخرفان
فأخذ كل جندي 
جملان أو {{ ٢٠ }} من الشياه ،أو جمل و{{ ١٠ }} من الشياه أما السبي فكان البعض يأخذ والبعض لا يأخذ
والذي لا يأخذ يعوض بالفضة، المهم تم تقسيم الأربعة أخماس بالتساوي بين الصحابة 

أما خمس الله ورسوله التي من حق النبي، فقد قرر صلى الله عليه وسلم توزيعها على زعماء القبائل المختلفة
لأن الدولة الإسلامية اتسعت الآن اتساعا كبيرا
والنبي صلى الله عليه وسلم  يعلم أن كثير من القبائل قد دخلت في الإسلام، ولكن لم يدخل الإيمان في قلوبهم
فأراد النبي صلى الله عليه وسلم يألف قلوبهم
لأنهم لو وجدوا أن وضعهم الإجتماعي والمادي قد تحسن في ظل الإسلام 
فلاشك أن حبهم وانتمائهم للإسلام ، سيقوى ويترسخ، وهؤلاء هم الذين يطلق عليهم في الإسلام {{ المؤلفة قلوبهم }}
والنبي صلى الله عليه وسلم ، يعلم أن  نظام القبلية المترسخ في الجزيرة العربية منذ قرون 
يجعل لقائد القبيلة الكلمة العليا المطلقة في قبيلته ، لذلك فالرسول صلى الله عليه وسلم ، يشتري رضا هؤلاء الزعماء بالمال
وهؤلاء الزعماء سيؤثرون تأثيرا إيجابيا في أتباعهم، ومن ثَمَّ فهو يشتري استقرار الدعوة الاسلامية 
وكان عدد هؤلاء الذين وزع عليهم صلى الله عليه وسلم الخمس يبلغ عددهم حوالي {{ ٥٠ }} من زعماء العرب 

من هؤلاء الزعماء {{ أبو سفيان}}  زعيم {{ بني أمية }}وزعيم قريش 
جاء ابو سفيان الى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في وادي {{ الجعرانة}}
وقال وهو ينظر الى هذه الأعداد الهائلة من الغنائم
قال :- يا رسول الله أصبحت أكثر قريش مالاً  
فتبسم الحبيب المصطفى صلى الله عليه ولم يرد عليه
فقال ابو سفيان :- يا رسول الله(صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) اعطني من هذا المال
وكان {{ بلال}} هو المسؤول عن توزيع الغنائم
فقال صلى الله عليه وسلم :_ يا بلال زن لأبي سفيان أربعين أوقية من الفضة ، وأعطوه مائة من الإبل 
فقال أبو سفيان:_ يا رسول الله(صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) ، ما اعظمك واكرمك و أحلمك
و ابني يزيد يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) وكان له ابن اكبر من معاوية اسمه زيد 
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :_ يا بلال زن له أربعين أوقية ، وأعطوه مائة من الإبل 
فقال ابو سفيان :_ يا رسول الله(صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) ، ابني معاوية 
يا بلال زن له أربعين أوقية ، وأعطوه مائة من الإبل 
فذهل أبو سفيان من هذا العطاء
فقال أبو سفيان: - ما أعظم كرمك  ، وما احلمك ، فداك أبي وأمي ، لقد حاربتك، فنِعمَ المحارب كنت، ثم سالمتك فنعم المسالم أنت
 انظر كيف تألف الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قلب  أبو سفيان 

وحدث نفس الموقف مع {{ حكيم بن حزام}} من أشراف مكة،
وهو قرابة السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها وذكرنا ذلك في بداية السيرة  تكون السيدة خديجة عمته 
ثم نظر النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم 
وقال لبلال :_ يا يا بلال اعطي {{حكيم }} مثلما اعطيت ابا سفيان فأعطاه
فقال حكيم :_ ما احلمك واكرمك ، زدني فليس لي ولد مثل ابي سفيان 
فأعطاه مائة ثانية، ثم سأله فأعطاه مائة ثالثة
ثم أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلم {{حكيم بن حزام}} ويعلمنا درسا هاما فقال:_
يا حكيم إن هذا المال حلوة خضرة  لم يقل إن هذا المال حلواً خضراّ ، لأن المقصود بالمال الدنيا، والدنيا مؤنث 
يا حكيم إن هذا المال حلوة خضرة ، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه 
ومن أخذه بإشراف نفس وتشوف ، لم يبارك له فيه ، وكان كالذي يأكل ولا يشبع ، واليد العليا خير من اليد السفلى  
فقال حكيم وقد اشرق وجهه وغلبه الايمان   أي علاه النور 
قال :_  والذي بعثك بالحق ما أردت إلا أن أسبر المواقف  يعني امتحن موقفك 
فوالذي بعثك بالحق لا أخذ إلا العطاء الاول 
فرد {{حكيم بن حزام}} المائة الثانية والثالثة، وأخذ فقط المائة الأولى
وقال:-  والله يا رسول الله(صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) والذي بعثك بالحق لا أسأل أحدا بعدك شيئا، ولا آخذ من أحد شيئا بعدك حتى أفارق الدنيا
{{ وبر حكيم بقسمه }}
ففي عهد أبي بكر دعاه {{ أبو بكر}} أكثر من مرة لأخذ عطاء من بيت مال المسلمين فأبى أن يأخذه
وفي عهد {{ عمر بن الخطاب}}  دعاه مرة ثانية إلى أخذ عطاء فأبى أن يأخذه
وظل حكيم كذلك لم يأخذ من أحد شيئا حتى فارق الحياة رضي الله عنه

وممن تألف قلوبهم صلى الله عليه وسلم هو  {{صفوان بن أمية}} 
وقد تحدثنا من قبل عن {{صفوان بن أمية }}وكان سيد قومه، والذي اشترك في {{حنين}}  وهو لا يزال مشركا
وهو الذي طلب المهلة حتى يسلم {{ شهرين}} فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم  اربعة اشهر ، واستعار منه النبي صلى الله عليه وسلم عدة المحارب بالأمس القريب عارية مضمونة
وقد أعطاه مائة من الأبل كما أعطى زعماء مكة
ثم وجده صلى الله عليه وسلم ، ما زال واقفا ينظر الى أحد شعاب {{ حنين }} وقد شد انتباهه شعبا وقد مُلئ إبلاً  وشاة وقد بدت عليه علامات الإنبهار بهذه الكميات الكبيرة من الأنعام
صفوان ينظر إليها بأعجاب ، فقال له الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم :_ أبا وهب ، أيعجبك هذا الشعب ؟؟
فقال صفوان :_ نعم 
فقال :_ هو لك وما فيه 
هكذا في بساطة وكأنه يتحدث عن جمل أو جملين  
قال صفوان :_ لي ؟!!!!
قال :_ نعم 
يقول الصحابة فأشرق وجهه صفوان وقال :_
إن الملوك لا تطيب نفوسها بمثل هذا، ما طابت نفس أحد قط بمثل هذا إلا نبي، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله
فأسلم صفوان رضي الله عنه وصدق إسلامه

وعندما وجد الانصار عطاء النبي صلى الله عليه وسلم  من خمسه لسادة قريش {{ مسلمها وكافرها }} عطاء ليس له حدود
وجدوا في انفسهم  اي تأثروا 
فقال بعضهم لبعض:_  لقد لقي النبي قومه  وفرح فيهم  غفر الله لرسول الله(صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم)
يعطي قريش ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم بالامس ؟!!! 
فلما بلغت هذه المقالة للنبي صلى الله عليه وسلم كان لها أثر في نفسه 
وارسل الى {{  سعد بن عبادة }} زعيم الخزرج وهو الباقي من سادة الانصار
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد  :_ يا سعد ما مقالة بلغتني عن قومك ؟؟
قال له: اجل يا رسول الله(صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) ان هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك، وأعطيت عطايا عظيمة في قبائل العرب، ولم يكن لهذا الحي من الأنصار منها شيء 
فقال النبي صلى الله عليه وسلم  له:_   فأين أنت من ذلك يا سعد ؟
فقال سعد: - ما أنا إلا رجل من قومي !
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :_ إذن فاجمع لي قومك لا يخالطكم غيركم 
فخرج سعد فجمع الأنصار{{ أوس وخزرج }} في شعب لم يدخل فيه إلا انصاري 
وأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم  وحده لا يصحبه إلا الصديق {{ ابو بكر }} فحياهم بتحية الاسلام
ثم حمد الله وأثنى عليهم ثم قال:_ يا معشر الأنصار
ألم تكونوا كفارا فهداكم الله بي ؟؟
ألم تكونوا عالة  اي فقراء  فأغناكم الله بي  ؟؟
ألم تكونوا أعداء فألف الله بين قلوبكم بي ؟ ؟
ثم قال: - ألا تجيبوني يا معشر الأنصار؟ 
قالوا: - وبماذا نجيبك يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم)، ولله ولرسوله المن والفضل ؟ 
قال :_ أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم ولصدقتم
قولوا :_ ألم  تأتينا مكذباً فصدقناك ؟؟
ألم تأتينا مخذولاً فنصرناك ؟؟
ألم تأتينا طريداً فآويناك ؟؟
ألم تأتينا عائلاً فواسيناك ؟؟
فأرتفع صوت الانصار بالبكاء وضج المكان وهم يقولون :_ المنة لله ورسوله يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم)
فقال لهم :_ ما مقالة بلغتني عنكم ووجدة وجدتموها في انفسكم 
تقولون :_ لقد لقي محمد اليوم قومه
يا معشر الانصار 
أوجدتم في أنفسكم  لعاعة من الدنيا تألفت بها قلوب قوما ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم؟؟
ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يرجع الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) في رحالكم ؟؟
فقالوا :_
أوفاعل انت يا رسول الله(صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) ؟؟؟
 وكانوا قد غلبهم الظن ان النبي سيقيم في مكة فقد اصبحت دار اسلام ، وهي مسقط راسه وهي بلد الله الحرام فظنوا ان النبي(صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) لن يرجع للمدينة معهم ، ففاجئهم بهذا الخبر المفرح 
قالوا :_ أوفاعل انت يا رسول الله ؟؟(صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم)
قال :_ اجل المحيا محياكم ، والممات مماتكم انت الشعار والناس دثار 
 الملابس الداخلية التي تلاصق الجسم تسمى شعار لانها تلامس شعر البدن ، اما القميص يسمى دثار انتم الشعار اي انتم اقرب لجلدي انتم اهلي وعشيرتي واحبابي رضي الله عن الانصار وباقي الناس دثار 
انتم الشعار والناس دثار ، فوالذي نفس محمد بيده لو سلك الناس قاطبةً شعباً ، وسلك الانصار شعبا لسلكت مسلك الانصار  ، و لولا الهجرة لكنت واحدا من الأنصار
ثم بسط يديه وهو يقول :_  اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار
يقول الانصار :_ فظننا انه لن يسكت حتى يعد مئة جيل من الانصار 
وبكى صلى الله عليه وسلم 
وقال :_ الم اعهد إليكم يوم العقبة {{ الدم الدم والهدم الهدم}} أسالم من سالمتم ، وأحارب من حاربتم
المحيا محياكم ، والممات مماتكم  أي سأعيش  ما عشت معكم واذا مت سأدفن بأرضكم 
فبكى الأنصار حتى أخضلوا لحاهم 
وهم يقولون :_ رضينا برسول الله صلى الله عليه سلم رضينا، رضينا ، خذ ما بأيدينا من اموال واعطيها لاهل مكة 
 يا الله هنيئا للانصار كان حظهم الأوفى من العطاء 
فازوا بالحبيب الاعظم صلى الله عليه وسلم 
يتبع إن شاء الله
اكتب بعفوية،وبلاترتيب،فلاتاخذعلى ان اخطأت في التعبير

ليست هناك تعليقات:

.ان غبت عنكم ولم ترونى

.ان غبت عنكم ولم ترونى
فهذه مشاركاتى ــ بالخير تذكرونى