الثلاثاء، 5 يوليو 2022

الخلق والأمر

الخلق والأمر


- قال تعالى : (ألا له الخلق والأمر)

▪︎عالم الخلق
هو ذاك العالم الذي جعله الله أسباباً عن أسباب  
فهو عالم الجعل (جعل لكم من أنفسكم أزواجا) (وجعلنا الليل لباسا)
وهو عالم النسب والحساب والكتل والأوزان
والكثافات والزمان والمكان والقوانين
(لا تبديل لخلق الله) أي لقوانينه ونظامه
الذي وضعه حتى ينتظم عليه عالم الخلق
(فلن تجد لسُنَّتِ الله تبديلا ولن تجد لسُنَّتِ الله تحويلا) (فاطر:43)

▪︎أما عالم الأمر

فهو ذلك العالم الذي برز عن الله بلا أسباب
بل انفهق انفهاقاً عن الأمر الإلهي
(إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) (يس:82)
وهو عالم الماهيات والحقائق
وهو عالم مطلق لا تقـيِّــده القوانين ولا تعرفـه النظم
ودائما يلهث الناس في عالم الخلق وراء اكتشاف القوانين الثابتة 
إذ التعامل مع الثوابت يريح الخلق في تعاملهم مع ما حولهم من ظواهر ومظاهر
ولكن قوانين الخلق تعمل في مجال محدود وحتى مدى معلوم وتقف بعدها حائرة
فالإلكترون في أي ذرة يدور بسرعات كبيرة حول نواة ذرته
ويدور أيضاً بتلك السرعة حول محوره
فمنذ 3 مليارات من السنين وهو يدور بسرعة تعادل 2000 كم / ث إلى 100000 كم / ث
يعني يستطيع أن يدور حول الأرض في عشر ثوانٍ
ولو قلَّت سرعته لابتلعته نواة الذرة
من أين يأتي بتلك الطاقة الهائلة التي تمده  في دورانه
لا أحد يعرف ، ولا أحد سيعرف . هنا تعطلت القوانين .
تلك الخلية الحيوانية أوالنباتية .. من الذي يمدها بالحياة ؟
ما سر تلك الحياة التي فيها ؟ لا أحد يعرف .
ما هي ماهيات وحقائق الأشياء ؟ علمها عند الله . 
وذلك أن عالم الخلق بقوانينه مستند استناداً ضرورياً على أنوار عالم الأمر

فالجسم من عالم الخلق ، والروح من عالم الأمر (قل الروح من أمر ربي)
فالروح تمد الجسد بسرِّها ، وحين يتوقف ذلك الإمداد ينهار الجسد
و النسبة بين عالم الخلق و عالم الأمر و بالعكس 
كنسبة عابد إلي معبود
و رب إلي مربوب و إله إلي مألوه
ولما تكاثرت القوانين على الإنسان كثرة أذهلته وأتعبته 
جعل الله تعالى له مهرباً من عالم الخلق إلى عالم الأمر بما يسمى نوماً  
وفي النوم تتوقف كل القوانين ، وتصير كل المستحيلات ممكنات ، ويُرفع عنك القلم 
فلا مجال للشرع في عالم الأمر والإطلاق ، إذ الشرع تقييد في تقييد .

وترى كل ساكن متحركاً ، وكل متحرك ساكناً
وترى كل ساكت متكلماً ، وكل متكلم ساكتاً .

والله وحده هو القادر على خرق القوانين في عالم الخلق
فقانون النار الإحراق
ولكنه تعالى يجعلها برداً وسلاماً على ابراهيم عليه السلام
وقانون الماء هو الإحياء
ولكنه تعالى يُهلك بالطوفان قوم نوح عليه السلام

فهو تعالى القادر على أن يُنعم ويُعذب بالسبب الواحد
فقد خلق الجنة للتنعيم ... ولكنه قادر على أن يُعذب من فيها فيها
وقد خلق النار للتعذيب ... ولكنه قادر على أن يُنعم من بها بها 
ويهدي ويُضل بالسبب الواحد (يُضل به كثيرا ويهدي به كثيرا)
وهو القادر أن يُعذب ظاهراً (فأخذناهم بغتة) ويُنعم باطناً (وهم لا يشعرون)
وتبحث عن الله بين سطور الكتب فلا تجده  ، وفي كلام العلماء فلا تجده
لأن الله تعالى فيك أنت ... في روحك التي هي من عالم الأمر 
ولكنك تهمل الجلوس معه ، وتتجاهل وجوده فيك .

وأنت لا تعلم أن بين عالم الخلق وعالم الأمر إنما هي 
نظرة واحدة منه تعالى  
فتشرق بها أنواره في روحك  
فبدلاً من أن تكون محكوماً ، تصير حاكماً للقوانين
وذلك حين يصير الله سمعك وبصرك ويدك ولسانك وكل قواك .

#سماحة_الإمام_صلاح_الدين_التجانى_الحسني
#الفصوص
#الخلق_والأمر
اكتب بعفوية،وبلاترتيب،فلاتاخذعلى ان اخطأت في التعبير

ليست هناك تعليقات:

.ان غبت عنكم ولم ترونى

.ان غبت عنكم ولم ترونى
فهذه مشاركاتى ــ بالخير تذكرونى