الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

الشمائل المحمدية




القول في تأويل قوله تعالى ( ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ( 201 ) ) 

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في معنى"الحسنة" التي ذكر الله في هذا الموضع . 

فقال بعضهم . يعني بذلك : ومن الناس من يقول : ربنا أعطنا عافية في الدنيا وعافية في الآخرة . 

ذكر من قال ذلك : 

3876 - حدثنا الحسن بن يحيى ، قال أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة " ، قال : في الدنيا عافية ، وفي الآخرة عافية . قال قتادة : وقال رجل : " اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا" ، فمرض مرضا حتى أضنى على فراشه ، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم شأنه ، فأتاه النبي عليه السلام ، فقيل له : إنه دعا بكذا وكذا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "إنه لا طاقة لأحد بعقوبة الله ، ولكن قل : " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " . فقالها ، فما لبث إلا أياما أو : يسيرا حتى برئ . [ ص: 204 ] 

3877 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا سعيد بن الحكم ، قال : أخبرنا يحيى بن أيوب ، قال : حدثني حميد ، قال : سمعت أنس بن مالك يقول : عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا قد صار مثل الفرخ المنتوف ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل كنت تدعو الله بشيء؟ - أو تسأل الله شيئا؟ قال : قلت : "اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعاقبني به في الدنيا!" . قال : " سبحان الله! هل يستطيع ذلك أحد أو يطيقه؟ فهلا قلت : " اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار؟ " . 

وقال آخرون : بل عنى الله عز وجل ب "الحسنة" - في هذا الموضع - في الدنيا ، العلم والعبادة ، وفي الآخرة : الجنة . 

ذكر من قال ذلك : [ ص: 205 ] 

3878 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عباد ، عن هشام بن حسان ، عن الحسن : " ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة " ، قال : الحسنة في الدنيا : العلم والعبادة ، وفي الآخرة : الجنة . 

3879 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا عمرو بن عون ، قال : حدثنا هشيم ، عن سفيان بن حسين ، عن الحسن في قوله : " ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " ، قال : العبادة في الدنيا ، والجنة في الآخرة . 

3880 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن واقد العطار ، قال : حدثنا عباد بن العوام ، عن هشام ، عن الحسن في قوله : " ربنا آتنا في الدنيا حسنة " ، قال : الحسنة في الدنيا : الفهم في كتاب الله والعلم . 

3881 - حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : سمعت سفيان الثوري يقول [ في ] هذه الآية : " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة " ، قال : الحسنة في الدنيا : العلم والرزق الطيب ، "وفي الآخرة حسنة" الجنة . 

وقال آخرون : "الحسنة" في الدنيا : المال ، وفي الآخرة : الجنة . 

ذكر من قال ذلك : 

3882 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : " ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " ، قال : فهؤلاء النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون . 

3883 - حدثني موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي " ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة " ، هؤلاء المؤمنون; أما حسنة الدنيا فالمال ، وأما حسنة الآخرة فالجنة . 

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إن الله جل ثناؤه أخبر عن قوم من أهل الإيمان به وبرسوله ، ممن حج بيته ، يسألون ربهم [ ص: 206 ] الحسنة في الدنيا ، والحسنة في الآخرة ، وأن يقيهم عذاب النار . وقد تجمع "الحسنة" من الله عز وجل العافية في الجسم والمعاش والرزق وغير ذلك ، والعلم والعبادة . 

وأما في الآخرة ، فلا شك أنها الجنة؛ لأن من لم ينلها يومئذ فقد حرم جميع الحسنات ، وفارق جميع معاني العافية . 

وإنما قلنا إن ذلك أولى التأويلات بالآية ؛ لأن الله عز وجل لم يخصص بقوله - مخبرا عن قائل ذلك - من معاني"الحسنة" شيئا ، ولا نصب على خصوصه دلالة دالة على أن المراد من ذلك بعض دون بعض ، فالواجب من القول فيه ما قلنا من أنه لا يجوز أن يخص من معاني ذلك شيء ، وأن يحكم له بعمومه على ما عمه الله . 

وأما قوله : " وقنا عذاب النار" ، فإنه يعني بذلك : اصرف عنا عذاب النار . 

ويقال منه : "وقيته كذا أقيه وقاية ووقاية ووقاء" ، ممدودا ، وربما قالوا : " وقاك الله وقيا" ، إذا دفعت عنه أذى أو مكروها . 
منقول

ليست هناك تعليقات:

.ان غبت عنكم ولم ترونى

.ان غبت عنكم ولم ترونى
فهذه مشاركاتى ــ بالخير تذكرونى