الأربعاء، 5 ديسمبر 2012

ابن جلجل (أبو داود ـ)




(333ـ بعد 377هـ/944ـ بعد 987م)



أبو داود سليمان بن حسان بن جلجل، طبيب أندلسي، عاش في قرطبة، وعاصر الخليفة هشاماً الثاني المؤيد بالله، وخدمه بالطب. ومن المرجح أن يكون ابن جلجل من الإفرنج الذين دخل أجدادهم الإسلام لأن هذه الشهرة التي عُرف بها لم يعرف بها أحد من رجال الأندلس. سمع ابن جلجل الحديث بقرطبة سنة 343هـ وهو ابن عشر سنين مع أخيه محمد، في مسجد أبي علاقة وجامع قرطبة والزهراء، وطلب الطب وهو ابن أربع عشرة سنة، وتمكن منه وهو ابن أربع وعشرين.

وقد ألّف كتاباً حسناً في طبقات الأطباء والحكماء، وفرغ منه في سنة 377هـ، ونُشر في القاهرة عام 1374هـ/1950م، وأعيد طبعه في بيروت عام

(1405هـ/1985م). ويذكر ابن جلجل في مقدمة كتابه أسماء بعض المراجع التي اقتبس منها وهي: كتاب «الألوف» لأبي معشر الفلكي، وكتاب هروشيش Urosios صاحب القصص، وكتاب «القراونقة» Chronica ليرونيم الترجمان. وقسّم ابن جلجل الأطباء والحكماء الذين تكلم عنهم إلى تسع طبقات، أولها طبقة الهرامسة الثلاثة، وآخرهم طبقة الأطباء الأندلسيين.

كان لابن جلجل الفضل في تعريف المؤرخين بما قيل في تاريخ الطب والأطباء منذ أقدم العصور. وقد اقتبس منه أشهر من ألّف في هذا الموضوع، ومنهم جمال الدين القفطي (ت 646هـ) وابن أبي أصيبعة (ت 688هـ)، وغريغوريوس بن العبري (ت 685هـ). أما المؤلفات الأخرى التي اشتهر بها ابن جلجل فأهمها: «تفسير أسماء الأدوية المفردة» من كتاب ديسقوريدس، لم يصل منه سوى قطعة محفوظة في مكتبة مدريد. وكان من حُسن الحظ أن ابن أبي أصيبعة قد اطلع على هذا الكتاب، واقتبس نصاً مهماً من مقدمته، فذكر ابن جلجل تاريخ وصول نسخة من كتاب ديسقوريدس، هدية من امبراطور بيزنطة، مدونة باليونانية، ومزينة بصور ملونة لكثير من النباتات الطبية، وكان ذلك في عهد الخليفة عبد الرحمن الناصر (300-350هـ/912-961م). وبقي الكتاب محفوظاً إلى أن أرسل الامبراطور، بناء على طلب الخليفة، راهباً يدعى نقولا، يتقن اليونانية واللاتينية، ليساعد على ترجمة وشرح ما جاء فيه، فوصل قرطبة سنة 340هـ.

كان كتاب ديسقوريدس قد ترجم في بغداد أيام الخليفة جعفر المتوكل (232-247هـ/846-861م) من قبل اصطفن بن باسيل[ر]، وصُحّح وأُجيز من قبل حنين بن إسحاق[ر]. ولما وصل إلى الأندلس، وتصفّحه بعض الأطباء العرب، لم يفهموا معنى كثير من الأسماء والمصطلحات المعرّبة الموجودة فيه. لذلك التفوا حول نقولا الراهب، لتعرّف أسماء النباتات الدارجة في الأندلس. وذكر ابن جلجل أسماء هؤلاء الأطباء، ومن كان يعرف اللاتينية منهم. وقال إنه أدركهم مع نقولا أيام المستنصر الحكم وصحبهم أيضاً. قام ابن جلجل إثر ذلك بوضع كتاب «تفسير أسماء الأدوية المفردة من كتاب ديسقوريدس» المفقود.

وأورد بعض أطباء الأندلس، ومنهم أحمد بن محمد الغافقي (ت 550هـ)، وعبد الله بن أحمد البيطار (ت 646هـ) في مؤلفاتهم شواهد مقتبسة من كتاب ابن جلجل المذكور، مما يدل على أهميته في علم العقاقير. أما المؤلفات الأخرى لابن جلجل فهي: مقالة في أدوية الترياق، مقالة في ذكر الأدوية التي لم يذكرها ديسقوريدس في كتابه، مما يستعمل في صناعة الطب، رسالة في التبيين فيما غلط به المتطببون.

ليست هناك تعليقات:

.ان غبت عنكم ولم ترونى

.ان غبت عنكم ولم ترونى
فهذه مشاركاتى ــ بالخير تذكرونى